هل مِن مساعدة لخوض معركة علم الأرض في المدارس الأمريكية؟

ترى نيكول لادو أنه يجب على العلماء في كل مكان أن يدعموا مجموعة من المعايير التعليمية الأمريكية التي تروِّج لعلوم الأرض.

ترى نيكول لادو أنه يجب على العلماء في كل مكان أن يدعموا مجموعة من المعايير التعليمية الأمريكية التي تروِّج لعلوم الأرض.

نيكول لادو

في موقف آخَر محرِج للعلماء الأمريكيين، ألقى السيناتور الجمهوري جيمس إينهوف (عضو جمهوري عن ولاية أوكلاهوما) في فبراير الماضي تعليقًا أثناء المناقشات التي كانت تدور بشأن الاحترار العالمي، قائلًا إن الجليد يغطي حديقة مبنى الكابيتول في واشنطن دي سي في الشتاء، رغم كل الأحاديث عن الأرقام القياسية غير المسبوقة التي سجلتها درجات الحرارة في عام 2014.

ربما يكون إينهوف على دراية بالفرق ما بين الطقس، والمناخ، أو ربما يكون جاهلًا به، لكن المحصلة أنه على الأرجح لن يغير آراءه حول تغيُّر المناخ. الأكثر أهمية من ذلك.. الطريقة التي يستقبل بها الملايين من طلاب المدارس هذا النوع من الرسائل ، الذين سوف يتعاملون مع مشكلة الاحترار العالمي لسنوات طويلة، بعد أن يرحل إينهوف.

إنّ الولايات المتحدة لديها فرصة سانحة في الوقت الراهن لتحسين الأساليب المستخدَمة في تدريس علوم الأرض. فعلى سبيل المثال.. يمكن أن يكون الاختلاف ما بين الطقس والمناخ موضوعًا مناسبًا للمناقشة مع طلاب الصف الثالث، الذين تتراوح أعمارهم عادةً ما بين الثمانية أعوام، والتسعة أعوام. وتحاول جماعات الضغط ذات النفوذ القوي أن تعرقل هذه الفرصة. لذا.. ينبغي على العلماء جميعًا أن يشتركوا في إيقاف تلك المحاولات.

يُوصَف تدريس مادة (علوم الأرض) في معظم المدارس الأمريكية بأنه سيئ للغاية. وأقول هذه الكلمات بوصفي مدرِّسة سابقة لمادة (علوم الأرض) بالمدارس الثانوية العليا. فعلى عكس تخصصات الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، يتولى تدريسها في العادة أفراد لم يتلقّوا قدرًا كافيًا من التدريب.

في عام 2013، تم إصدار "معايير العلوم للجيل القادم" NGSS لإعادة بث الحيوية في مجال تدريس العلوم في المدارس الأمريكية. وقد قام بتطويرها علماء وباحثون في مجال تدريس العلوم، وممثلون عن مؤسسات التعليم الحكومي. ووفقًا لتلك المعايير، تُوضع علوم الأرض على قدم المساواة مع علوم الحياة، والعلوم المادية، بدايةً من مرحلة رياض الأطفال، حتى الصف الثاني عشر (من سن 17، أو 18 عامًا). وهكذا، سوف يتمكن طلاب المدارس الثانوية مِن تعلُّم كيفية "استخدام نموذج معين؛ لتوضيح كيف أن التغيرات التي تحدث في تدفق الطاقة، سواء إلى داخل أنظمة الأرض، أم إلى خارجها، تؤدي إلى حدوث تغيرات في المناخ". ولنتخيل في تلك الحالة، مدى استعداد الجمهور للتخطيط واتخاذ القرارات المستقبلية اللازمة، بشأن الآثار المترتبة على تغيُّر المناخ، والتخلص من النفايات النووية، والاستثمار في موارد الطاقة، إذا تمكنوا من "فهم البيانات الخاصة بعلوم الأرض؛ حيث قد يؤثر تغيُّر واحد في القشرة الأرضية على العديد من الأنظمة البيئية الأخرى".

مِن بين الاحتمالات المثيرة حقًّا فيما يخص تلك المعايير: عملية التقييم. فقد سيطرت فكرة الاختبارات وأسئلة الاختيار من متعدد على التعليم الحكومي في الولايات المتحدة، الأمر الذي أدَّى إلى تراجع جودة التدريبات التي تتم في قاعات الدرس؛ حتى وصلت إلى مجرد حفظ واستظهار للحقائق والمعلومات، وإجراء التجارب بشكل روتيني. سوف تتطلب تلك المعايير الجديدة أساليب وطرقًا جديدة؛ لتقييم المعرفة والتفكير العلمي على حد سواء. ومن وجهة نظر المدرسين، يمكن لهذا الأمر أن يتيح الفرصة لتدريس العلوم بشكل جيد، مع إشراك الطلاب في العملية، علمًا بأن التقييمات سوف تحفِّز الطلاب على التفكير، بدلًا من مجرد الاستظهار والحفظ.

لنتخيل أننا تجاوزنا في نقاشاتنا الدائرة المقارنةً البدائية للطقس اليومي بالمتوسطات المناخية، وأخذنا نركِّز على الآثار الاقتصادية المعقدة التي نتعرض لها بالفعل؛ نتيجة لتغيُّر المناخ. من الممكن أن يصبح هذا الأمر واقعًا، إذا حشدنا جهودنا في سبيل إقرار وتنفيذ "معايير العلوم للجيل القادم" بالشكل المناسب عبر شتى أنحاء البلاد.

ووفقًا للدستور الأمريكي، لا يمكن للحكومة الفيدرالية إخطار الولايات المختلفة بما ينبغي عليها أن تُدَرِّسه في المدارس. وعلى كل ولاية أن تختار ما إذا كانت تريد تطبيق تلك المعايير، أم لا، وذلك من خلال موافقة المجالس التعليمية لتلك الولايات، أو مجالس الشيوخ الخاصة بها.

في الوقت الراهن، أقرَّت 13 ولاية ـ إلى جانب واشنطن العاصمة ـ "معايير العلوم للجيل القادم". وهذا يشمل حوالي 14,5 مليون طالب، من بين ما يقرب من 50 مليون طالب أمريكي. مع ذلك.. فإن السياسات المطبَّقة على مستوى الدولة حالت دون إقرار تلك المعايير في كثير من الحالات. ويقوم المركز الوطني لتعليم العلوم ـ الذي أنشئ لمواجهة أولئك الذين يطعنون في تدريس نظريات التطور وعلوم المناخ ـ بمراقبة مشروعات القوانين والدعاوى القضائية ذات الصلة بتلك المعايير. ففي ولاية كنساس، رُفِعَت دعوى قضائية حول إقرار "معايير العلوم للجيل القادم"، لأن البعض زعموا أن تدريس نظريات التطور والانفجار العظيم من شأنه الترويج لأفكار إلْحاديّة. وفي ولايات وايومنج، ومتشيجان، ووست فيرجينيا، تم الطعن على إقرار المعايير، بسبب إدراج تغيُّر المناخ الناتج عن أنشطة بشرية.

حتى في الولايات التي أقرَّت "معايير العلوم للجيل القادم"، ما زالت هناك عوائق متعددة.. فهناك مقاطعات كثيرة تسعى إلى دمج محتوى مادة (علوم الأرض) في الحصص الدراسية لمواد الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، بدلًا من وضع برامج أو مناهج متخصصة . وهذا القرار مفيد للمقاطعات، لأن تلك الحصص تسهم في إعداد الطلاب لتَلَقِّي مقررات وبرامج التعليم الجامعي؛ مما يرفع من مراكزها في التصنيف الوطني. إذا كان مقدَّرًا لـ"معايير العلوم للجيل القادم" أن تنجح، فلا بد من تدريب مدرسي العلوم على تدريس محتوى تلك المادة، إلى جانب تطوير المقرَّر، أو تعديله.

عندما يَعلَم العلماءُ أن تركيزي البحثي ينصَبّ على تعليم علوم الأرض، يُبْدُون تحسُّرهم على وضع الثقافة والمعرفة العلمية في العالم من حولهم. وبالطبع، إذا كنتَ عالِمًا أمريكيًّا، ربما تشعر بذلك الإحساس، ولكن أرجو منك ألا تحدثني عن ضعف إعداد مدرس العلوم ، ولا تخبرني أن طلاب الجامعة غير مؤهَّلين لدراسة العلوم. وعوضًا عن ذلك.. أخبِرني أنك قد سألت إدارة المدرسة التي تقع في نطاق سكنك عن كيفية قيامها بتطبيق "معايير العلوم للجيل القادم"، وأخبِرني أيضًا أنك قد عرضت عليهم تنظيم ورشة عمل لتعليم المدرسين المحليين محتوى مادة (علوم الأرض) ، وأخبِرني كذلك أن القسم الجامعي الذي تعمل به قد حرَّر خطابًا إلى الجهة التشريعية في ولايتك، موضحًا فيه أهمية تطبيق علوم الأرض من خلال "معايير العلوم للجيل القادم"؛ بهدف خلق جمهور لديه ثقافة علمية، ومستعد لاتخاذ القرارات المهمة والحاسمة للسعي نحو العمل في الوظائف التي يزيد عليها الطلب بشدة في منطقتك. أرجوك، كُف عن الشكوى، وافعل شيئًا!