تشكل الغابة الذروية بالنطاق المعتدل بالضبط على إن كتلتها الغابوية عرفت تراجعا كبيرا في مساحتها الأصلية نتيجة الاجتثاث (أخصب المناطق في...
تشكل الغابة الذروية بالنطاق المعتدل بالضبط على إن كتلتها الغابوية عرفت تراجعا كبيرا في مساحتها الأصلية نتيجة الاجتثاث (أخصب المناطق في العالم) أو تعرضت في معظم الأحيان لتعديلات عميقة ارتبطت باستغلالها من طرف الإنسان.
و مع ذلك فهي(الغابة النفضية) لا تزال تشغل مساحة مهمة، تساعد على ضبط خصائصها.
يتطابق مجال الغابة المورقة النفضية مع مجال المناخ المعتدل الخاضع للتأثيرات المحيطية، و رغم برودة فصل الشتاء فإن متوسط درجة الحرارة يتراوح ما بين 0°C و +7°C خلال أبرد الشهور في السنة. و تتوزع التساقطات بكيفية منتظمة طيلة السنة، و يتراوح معدلها ما بين 700 و 1500mmفي السنة. جزء منها ينزل على شكل ثلج خلال الفصل البارد.
تسمح الظروف المناخية بطول مدة الفصل الإنباتي في السنة مما يساعد النباتات على إنهاء دورتها الإنباتية قبل حلول الفصل البارد، تأخذ الغابة مظهرا مختلفا حسب الفصول، فخلال فصل الشتاء يتوقف نشاط الغابة بعد إن تفقد الأشجار أوراقها كشكل من أشكال التأقلم مع الفصل البارد، أما فصل الربيع فيعتبر فترة صعبة بالنسبة للنباتات بفعل التغير المفاجئ الذي قد يطرأ على درجات الحرارة و كذا خطر حدوث صقيع متأخر، إلا أن فصل الصيف يشكل أهم فترة ملائمة لنمو الغابة، بفعل ارتفاع درجات الحرارة ( ما بين15°C و 22°C) و استمرار تساقط الأمطار.
و أخيرا تجف أوراق الأشجار في فصل الخريف، قبل أن تفقد الغابة أوراقها و تدخل في فترة استراحة بيولوجية خلال الفصل البارد.
تتكون الغابة النفضية من عدة طبقات نباتي:
· طبقة شجرية عليا: قد يتجاوز أو يصل علوها ما بين 20 أو 30m
· طبقة شجرية متناثرة: و تضم الصفصاف و البندق و البهشية houx
· طبقة عشبية : تختلف تركيبتها النباتية من تشكيلة غابوية إلى أخرى حسب طبيعة التربة و الظروف الترابية.
و يضل عدد الأصناف الغابوية محدودا أيضا بالغابة المعتدلة. فقد تتشكل المجمعة الغابوية من صنف وحيد، كغابة الزان مثل hêtre أو غابة السنديان. و قد تتشكل مجموعة مختلطة كغابة الزان و السنديان.
و ترتبط وفرة النباتات التحت شجرية بكثافة الأشجار و أهمية الظل الذي يفرضه أوراق الصنف الغابوي الأساسي بالغابة
و نذكر من أهم التعميرات les peuplement ما يلي:
- أشجار السنديان التي يمتد مجال انتشارها من المحيط الأطلسي حتى جبال الأورال شرقا و تشتمل على صنفين أساسيين كلاهما يقاوم البرودة و كلاهما يفضل تربة خاصة:
+ السنديان السليسي يفضل التربة المسامية ذات النفاذية العالية كالتربة الرملية بالخصوص، لكنه يتحمل التربة الحمضية و كذا التربة الفقيرة و المغسولة شريطة إن لا يكون مستوى الماء قريب من سطح التربة.
+ السنديان الذنيبي و يتحمل التربة الرطبة التي تتميز بنفاذية ضعيفة و بنسيج طيني
+ الزان و يتواجد بالمناطق السهلية في أوربا الغربية و الوسطى، كما ينتشر بالجبال الأوربية المحيطية و المتوسطة الارتفاع و ينحصر مجال انتشاره نحو شرق أوربا مقارنة مع السنديان لكونه لا يتحمل البرودة القارسة و خاصة البرودة الجافة في المناطق القارية. و هو صنف أو نوع يطلب رطوبة سنوية مهمة و انتظاما في التساقطات و يعيش في المناطق التي يتواتر بها الضباب لكنه بالمقابل لا يتحمل التربة المتميزة بتصريف سيء أو بنفاذية ضعيفة.
التربة
إذا كانت التربة متنوعة بالنطاق المعتدل بالضبط فإن أهم نوع يميزها هي التربة الدكناء الغابوية sol brun forestier و التي تكون متوازنة وتتميز بذبال جيد من نوع mull بفعل التفسخ السريع للأوراق و يشمل قطاعها النموذجي عل الأفاق التالية:
A0 و هو أفق يتكون من أنفوضة غير سميكة و متقطعة تتكون من أوراق ميتة و تتعرض للتمعدن بسرعة كبيرة.
A1 ويتكون من أفق ذبالي من النوع الجيد يتميز ببنية متوازنة و بلون داكن اسود.
A2 و هو أيضا أفق داكن اللون يتميز ببنية جلطية و بمركب معدني متوازن (طين، ذبال، أكاسيد الحديد)
B و يصعب تمييزها عن A2 بسبب لونه الداكن المرتبط بوفرة أكاسيد الحديد.
à التربة الدكناء بالنطاق المعتدل هي تربة متطورة متوازنة غنية بالمواد الذبالية و بالعناصر المعدنية الضرورية لنمو مناسب و متوازن للغابة المعتدل النفضية.
يجب أن نؤكد على أن الغابات النفضية المعتدلة لا تمثل حاليا مشاهد و بنيات ذروية climacique(الذروة climax) باستثناء بعض المواقع النادرة.
فالحدود الحالية للمساحات الغابوية يتطابق مجالها تماما مع مجال الاجتثاث وقد عوضت منظوماتها البيئية بمنظومات جغرافية من خلال استغلالها منذ قرون طويلة لأغراض متعددة، فكان تدخل الإنسان عاملا حاسما في تعديل تعميراتها و تنوع أشكالها و تركيباتها النباتية.
المصدر:
(مقتطفات من محاضرات الاستاذ محمد لبحر)
تعليقات